عدنان بن عبد الله القطان

13 صفر 1444 هـ – 9 سبتمبر 2022 م

——————————————————————————-

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكريم المنان، رفع شأن العلم والعلماء، وجعلهم منارة وأهلاً للثناء، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الذي كمل الله له الفضائل والإحسان، وجعله معلم البشرية ما أشرقت شمس وانمحى ظلام على مر الأعوام والدهور والأزمان، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه والتابعين ومن تبعهم وسار على نهجهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله تعالى؛ اتقوا الله رحمكم الله، واحذروا من علم لا عمل معه، وعمل لا إخلاص فيه، (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

معاشر المسلمين: إن العلم أساس نهضة الأمم وتقدمها، ورفعة الشعوب وازدهارها، وما من أمة نالت حظاً من الرفعة والعلو، وبلغت منزلة من النهضة والسمو، إلا كان العلم أساسها والمعرفة سبيلها، ولذلك اهتم الإسلام بالعلم اهتماماً عظيماً، فوجه الناس إلى القراءة؛ لأنها سبيل العلم، فقال سبحانه: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) وأقسم تعالى بأدوات العلم ووسائل تحصيله، تنبيهاً إلى أهمية كتابة العلم وتوثيقه، فقال عز وجل: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) وعمل النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أمته القراءة والكتابة فكان أوّلَ من سعَى لمحو الأمّيّة حين جعَل فداءَ أسرى بدرٍ أن يعلِّم كلٌّ منهم عشرةً من المسلمين القراءةَ والكتابة… ورفع الإسلام شأن العالم والمتعلم، فقال تعالى: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) وَلَمْ يَأْمُرِ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِالاستِزَادَةِ مِنْ شَيءٍ إِلاَّ مِنَ العِلْمِ فَقَالَ لَهُ معلماً: (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) فبالعلم ترتفع الأقدار، وتنال المغانم الكبار، به يعبد المسلم ربَّه على بصيرة، به يعامِل الناسَ بالحسنى، وبه يسعَى في الأرض يبتغي عند الله عز وجل الرزقَ الطيب الحلال، وما غاب العلم عن مجتمع إلا أظلم نهاره، وانطفأت أنواره، وَمَا فَشَا الجَهْلُ فِي أُمَّةٍ إِلاَّ قَوَّضَ أَركَانَهَا، وَصَدَّعَ بُنْيَانَهَا. عباد الله: العلم الذي دعا الإسلام إلى تحصيله، يشمل كل علم نافع يحقق التقدم والتطور والبناء، ويعود على البشرية بالخير والسعادة والنماء، وهو ما أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال: (مَنْ سَلَكَ طَريقاً يَبْتَغي فيه عِلْماً سَهَّل الله له طريقاً إلى الجنة) وخص الإسلام الفقه في الدين بمزيد من الشرف والتفضيل فقال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)؛ لربانية مصدره الضامنة لعصمته وعموم الإصلاح به وشموله وتركيزه على النفس الإنسانية التي هي أساس صلاح البشرية وفسادها.

عباد الله: ويتجدد في هذه الأيام عام آخر، ويَغدُو أبناؤنا وبناتنا إِلى مَدَارِسِهم ومعاهدهم وجامعاتهم بعد انقطاع دام حوالي ثلاث سنوات، يعودون والعَوْدُ أحمَدُ، لنستقبل مع عودتهم عاماً دراسياً جديداً، جعله الله بمَنِّهِ وكرمه عام خير وبركة.

أيها الأخوة والأخوات في الله: التعليم في الإسلام نموذج فريد، وتكامل بديع، يجمع بين التربية والتعليم، ويسعى لإقامة مجتمع فاضل، ويسعى لاستغلال العلم في البناء لا الهدم، للخير لا للشر، للفضيلة لا للرذيلة..مستقبل أبنائنا وبناتنا ومجتمعنا رهين بمدى نجاح تربيته وتعليمه في تعبيد الناس لرب العالمين، والولاءِ لهذا الدّين، وتنشئةِ المواطنِ الصالحِ المنتِج الواعي، السَّالم من شطَطِ التفكير ومَسالِك الانحرافِ. سئل أحد المربّين ما مستقبل أمّة من الأمم فقال: (أروني مناهج تعليمها أخبركم عن مستقبلها).

أيها المعلمون والمعلمات والمربون والمربيات: نبينا أكبر شأنكم وأعلى مقامكم حيث قال: (إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرضِ، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ) أنتم المؤتَمَنون على تربيةِ أبنائنا وبناتنا وتوجيهِ مستقبَلنا في تطويرٍ وتجديد، ومواكبة للجديدِ، مع الأصالةِ والثباتِ المستمَدّين من شريعة الإسلام الخالدة الطاهرة، قدوتكم في التربية والتعليم، معلم البشرية نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، فترسموا هديه، وتمثلوا في مهمتكم خلقه وسمته. جملوا عملكم بالإخلاص، تربحوا أجر الدنيا حلالاً طيباً، وتغنموا جزاء الآخرة ثواباً عند الله باقياً، اجتهدوا في تعليمكم، وضعوا رقابة الله دائماً نصب أعينكم قبل رقابة أحد من الناس، أطلقوا ألسنة أبنائنا وبناتنا للكلام، فإن أحسنوا فكافئوهم، وإن أخطأوا فبالتي هي أحسن فقوموهم.. ثم يا عباد الله لا بد من العناية بهذا النشء عناية عظيمة، ولاسيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، وتنوعت فيه الشرور، وكثرت فيه المغريات للفساد، فأصبح الأبناء والبنات يتلقون من وسائلَ كثيرةٍ؛ ومن قنوات شتى؛ ومن مجالات مختلفة، وهنا تعظم مسؤولية المعلم والمعلمة والأولياء أمام هؤلاء الأبناء والبنات..

إن واجب المعلم في كل مجال يعلِّمُه – سواء أكان معلماً لمواد الدين أم مواد الدنيا – إنه يجب عليه أن يكون قدوة في الخير، مربياً للنشء، حريصاً على تأديبهم وتعليمهم طاعة الله عز وجل، وتحذيرهم من الشر والفساد، وأن يكون هو قدوةً لهم في كل خير، هكذا ينبغي أن يكون المعلم، ناصحاً لطلابه، مؤدِّباً ومعلماً لهم، يدلهم على كل فضيلة، وينشر بينهم الخير، ويقتنص الفرصَ والمناسباتِ لينصح لهم ويوجههم ويستمع لهم ويساعدهم في حل مشكلاتهم التي يواجهونها... وعلينا جميعاً أن نلين وأن نرفق بأبنائنا وبناتنا فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وهكذا كان أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم خير المعلمين وإمام المربين والموجهين، قال عنه معاوية السلمي رضي الله عنه: (بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَ اللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي)، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ لأصحابه: (عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وبشّروا ولا تنفّروا) وإن المنصف ليدرك دون شك جهد ذلك الجندي المجهـول- المعلم المخلص والمعلمة المخلصة. في تعليم الأجيال، وتربيتهم، وتقويم سلوكهم، وإن واجب الوطن نحوه: أن يشكر جهوده ويكرمه، ويؤدي إليه بعضاً من حقه، وأن يعرف له قدره واحترامه وفضله.

 فيا أولياء الأمور: الله الله في حقوق المعلمين والمعلمات وحقوق الأبناء والبنات، اغرسوا في قلوب أبنائكم وبناتكم حب العلم وأهله، اغرسوا في قلوبهم إجلال المعلمين والمعلمات وتوقيرهم واحترامهم؛ طلباً لمرضات الله سبحانه وتعالى، علموهم الأدب قبل أن يجلسوا في مجالس العلم والطلب. ورحم الله أم الإمام مالك بن أنس، فإنه لما أراد أن يطلب العلم أَلْبَسَتْهُ أُمُّهُ أَحْسَنَ الثِّيَابِ ثُمَّ أَدْنَتْهُ إِلَيْهَا، وَمَسَحَتْ عَلَى رَأَسِهِ، وَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ اذْهَبْ إِلَى مَجَالِسِ الْإِمَامِ رَبِيعَةَ، وَاجْلِسْ فِي مَجْلِسِهِ، وَخُذْ مِنْ أَدَبِهِ وَوَقَارِهِ وَحِشْمَتِهِ، قَبْلَ أَنْ تَأَخُذَ مِنْ عِلْمِهِ).. ويقول الإمام الشافعي رحمه الله وهو تلميذ للإمام مالك: يقول: (كنت أُصَفِّحُ – يعني أقلب – الورقة بين يدي مالك رحمه الله صفحاً دقيقًاً هيبة له؛ لئلا يسمع وقعها)، وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وهو تلميذ للشافعي يقول لابن الشافعي: (أبوك من الخمسة الذين أدعو لهم كل سحر) أوصوا يا أولياء الأمور أبناءكم وبناتكم بالجد والاجتهاد، والصبر والمصابرة والاحتساب؛ فإن بلادهم تنتظر منهم خيراً كثيراً، وما ذلك على الله بعزيز، (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) علموا أبناءكم وبناتكم أن الغايات والأهداف النبيلة لا تدرك بالمنام، ولا تطلب في الأحلام، ولكن تريد الجد والاجتهاد، والكفاح والصبر، والصلاح والإصلاح، فإذا أخذ الله بيد عبده وفقه وفتح له أبواب الخير والرزق ويسرها له. (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).. أبناءنا وبناتنا من الطلاب والطالبات: ها هي أيام العلم قد أقبلت فأقبلوا عليها بجد وإخلاص اجعلوا طلبكم للعلم عبادة تتقربون بها إلى الله تعالى، ترجون ثوابه وتخافون سخطه وعقابه. العلم سبيلكم إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فاجعلوا نصب أعينكم دائماً، قول نبينا صلى الله عليه وسلم حادياً وهادياً حيث يقول: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

أيها الأبناء الكرام: خير الوصية وأجمعها: الوصية بتقوى الله عز وجل، وصى الله بها الأولين والآخرين، وذكّر بها الأنبياء والمرسلين، وحث عليها الأخيار والصالحين، فقال في كتابه المبين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)

اتقوا الله، فإن الله يهدي بتقواه من الضلالة، ويعلم بها من الجهالة، يقول تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ويقول سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)

أبناءنا وبناتنا الكرام: البيت يضحي من أجلكم ويقدم، والمدرسة تبذل لكم وتعلم، والكل ينتظر منكم ويؤمل، فكونوا عند حسن الظن بكم، علماً وأخلاقاً وسلوكاً.

عباد الله: المَسِيرَة التَّعلِيمِيَّة تَحتَاجُ إِلَى تَضَافُرِ الجُهُودِ لإِنْجَاحِهَا، فَلاَ تَقَعُ المَسؤُولِيَّةُ عَلَى الهَيْئَاتِ التَّدْرِيسِيَّةِ وَحْدَهَا، وإنما يُشَارِكُهَا البَيْتُ وَالمُجتَمَعُ، وَكُلُّ مَنْ لَهُ عَلاَقَةٌ بِعَمَلِيَّةِ التَّربِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ؛ فتعاونوا على البر والتقوى ممتثلين أمر ربكم إذ يقول: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)

إن التعلم والتعليم عمل عظيم يحتاج إلى تعاون جميع شرائح المجتمع في إنجاحه، وتشجيع أهله، ومد يد العون إليه كل حسب قدرته وتخصصه؛ لأن نجاح رسالة التعلم والتعليم يعود خيره على المجتمع بأسره. وحينما تخفق العملية التعليمية فإن آثارها السيئة المتنوعة ستعود على المجتمع كله بالفساد والإفساد.

فعلى الحكومات في بلاد المسلمين مسؤولية عظيمة في إنجاح التعليم، وعلى الأغنياء وأهل الخير والعطاء والجمعيات الخيرية والمؤسسات الوقفية، أن يتحسسوا الأسر الفقيرة المحتاجة التي لديها أولاد وبنات في المدارس والمعاهد والجامعات فيقدموا لها المساعدة التي تعين على بقاء أولادها في دور التعليم، فكم من أسرة عجزت عن إكمال تدريس أولادها؛ لعجزها عن تحمل تبعات الدراسة، أو لحاجتها إلى تفرغهم للعمل من أجل سد حاجة تلك الأسرة من القوت والحاجات الضرورية للعيش.

نسأل الله تعالى أن يبارك في جهود الجميع، وأن يخلف عليهم خيراً، ويبارك لهم في أموالهم وأولادهم وذرياتهم، وأن يوفق أبنائنا وبناتنا لخيري الدنيا والآخرة، ويهديهم صراطه المستقيم، ويجنبهم رفقاء السوء، ويعلمهم ما ينفعهم وينفعهم بما علمهم، إنه سميع مجيب الدعاء.

نفعني الله وإيّاكم بالقرآن العظيم، وبهديِ سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله الذي جعل طلب العلم من أجلّ الأعمال، وأعظم القربات، فقال تعالى: (يَرْفَعِ اللّٰهُ الَّذِيْنَ آمَنُوْا مِنْكُمْ، وَالَّذِيْنَ اُوْتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰتٍ) ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.

أمّا بعد: فيا أيها الأخوة والأخوات: بمناسبة العام الدراسي الجديد، فإننا نهنئ أبناءنا وبناتنا بعامهم الدراسي الجديد، سائلين المولى عز وجل أن يكون عام خير وبركة عليهم وعلى أساتذتهم ومعلميهم وعلى وطننا العزيز الغالي إنه سميع مجيب الدعاء.

أيها الأبناء من الطلبة والطالبات: وبهذه المناسبة فإنه يسعدني أن أقدم لكم بعض النّصائح، لعلّها تعينُكم على قضاءِ عامٍ دراسي جديد، مليءٍ بالتفوّق والإبداع والمحبّة..

ابدؤوا العام الدراسيّ الجديد بدايةً صحيحة؛ فمن كانت لديه عادة سلبيّة في الأعوام السابقة فليُقلع عنها، فبعض الطلاب والطالبات هداهم الله يتأخرون في الحضور إلى الدّرس، ولا يهتمّون بنظافة كتبهم ودفاترهم وملابسهم، ويعبثون في مرافق المدرسة فيشوّهون المقاعدَ وجدرانَ الفصل بالكتابة عليها، والبعض الآخر -هداهم الله- يتعالى على زملائه في الصف، ويثيرُ الفتنَ بينهم، فالطالب المجدّ والمنظم والخلوق يحبّه الله ورسوله ووالداه ومعلموه وزملاؤه وأهل الحيّ وجماعة المسجد، فأتمنى عليكم أن تكونوا من الطلاب المحبوبين.

تفاءلوا بالصّف الجديد، وبالمرحلة الجديدة التي انتقلتم إليها، وابذلوا قُصارى جهودكم لتكونوا من المتفوّقين الناجحين، وثقوا تماماً أنّ الله سوف يُعينكم..

حافظوا على أداء الصلوات فهي عمود الدين وأساسه، وقد حث الإسلام على المواظبة عليها، وأمر الله بالمحافظة عليها، وتوعد من يتكاسل في أدائها ويؤخرها عن وقتها.

عوّدوا أنفسكم النّومَ المبكّر والاستيقاظ المبكّر؛ لتكونَ أجسامكم مهّيأةً لتحمُّلِ اليوم الدراسي الذي يتطلّب الحيويّةَ والنشاط، وتكون أذهانكم مستعدّةً لتقبّل المعلومات الجديدة والمتنوّعة… -واظبوا على حلّ الواجبات، وقراءة الدروس أولاً بأول ولا تؤجّلوا عمل اليوم إلى الغد، حتى لا تتراكمَ عليكم الدروس، وتكثُر عليكم الواجبات فذلك يؤدي إلى ضعف مراتبكم الدراسية.

لا تجرحوا شعورَ زملائكم بالتفاخرِ بحسن ألبستكم وقوة أجسامكم وجمال بيوتكم وسياراتكم، فقد يعاني أحدُ زملائكم نقصاً في النظر، أو في السّمع، ولربّما كان الثالث يتيماً، والرابع من أسرة فقيرة، والخامس يعاني مرضاً مُزمِناً، فعاملوا زملاءكم بلطف ورفق ومحبّة..

أيها الأخوة والأخوات: ولا ننس بهذه المناسبة أن نتقدم بالشكر والتقدير لقيادتنا الكريمة، على دعمها الكبير للعلم والتعليم والمعلم وطلبة العلم، واهتمامها بأبنائنا من الطلبة

والطالبات، وحرصها على تعليمهم، التعليم المجاني، وتنفيذها لمشاريع التعليم التطويرية والتربوية المستمرة وتوجيهها لتحسين أداء المدارس والمعلم، وتوفير المدارس والمباني والإنشاءات والتجهيزات والمعلمين المؤهلين الأكفاء والتي تصبّ في خدمة الطلبة والطالبات باعتبارهم محور العملية التعليمية.

 والشكر موصول لوزارة التربية والتعليم ولوزيرها وللمسئولين القائمين على الوزارة، لتنفيذهم تطلعات ورؤى القيادة الحكيمة، وتوسعهم في إنشاء المدارس ومعاهد التدريب الفنية والمهنية، وتطويرهم للمناهج والمواد الأساسية، وحرصهم على الاستعانة بالكوادر الوطنية المؤهلة، بما يضمن ويسهم في تجويد المخرجات التعليمية وحفظ الهوية الدينية والوطنية لطلاب وطالبات وطننا العزيز.

سدد الله الخطى وبارك في الجهود ووفق الجميع لما يحب ويرضى، وجزى الله الجميع خيراً. اللهم أقر عيوننا بصلاح أبنائنا وبناتنا

وأهدهم إلى صراطك المستقيم، وجنبهم رفقاء السوء، وأحفظهم من شر الأشرار وكيد الفجار، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين، اللهم علمهم ما ينفعهم وانفعهم بما علمتهم وزدهم علماً يا رب العالمين. اللهم يسر لأبنائنا وبناتنا سبيل العلم النافع، اللهم زك به نفوسهم، وطهر به أخلاقهم، وارفع به في الدنيا والآخرة مقامهم ومجتمعهم وبلادهم. اللهم واجعلهم قرة عين لأهليهم ودينهم ومجتمعهم ووطنهم، وجميع أبناء وبنات المسلمين في سائر الأوطان.

اللهم أغننا وزينا بالعلم، وأكرمنا بالتقوى، وجملنا بالعافية يا رب العالمين

اللهم أعز الإسلام وانصر والمسلمين، اللهم اجعل كلمتك هي العليا إلى يوم الدين، اللهم أحفظ بلادنا البحرين وبلاد الحرمين الشريفين واحفظ خليجنا، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق

ولاة أمورنا، وفق ملكنا حمد بن عيسى وولي عهده رئيس وزرائه سلمان بن حمد، اللهم وفقهم لما تحب وترضى، وهيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة يارب العالمين.

اللهم كن لإخواننا المستضعفين المظلومين في كل مكان ناصراً ومؤيداً، اللهم أحفظ بيت المقدس وأهل فلسطين والمسجد الأقصى، وأحفظ أهله، والمصلين فيه واجعله شامخاً عزيزاً عامراً بالطاعة والعبادة إلى يوم الدين

اللهم وفِّقنا للتوبة والإنابة، وافتح لنا أبواب القبول والإجابة، اللهم تقبَّل طاعاتنا، ودعاءنا، وأصلح أعمالنا، وكفِّر عنا سيئاتنا، وتب علينا، واغفر لنا ولوالدينا ولموتانا وموتى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين.

الْلَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ وَزِدْ وَبَارِكَ عَلَىَ سَيِّدِنَا وَنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)

   خطبة جامع الفاتح الإسلامي – عدنان بن عبد الله القطان – مملكة البحرين